فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أنَبئكم بشرّ الناس؟» قالوا: بلى يا رسولَ اللهّ؛ قال: «من أكل وَحْدَه، ومَنَع رِفْده، وجَلَد عبدَه». ثم قال: ألا أُنبئكم بشِرّ من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من لا يُقيل عثرة ولا يقبل مَعْذرة ثم قال؛ أَلاَ أنبئكم بشرّ من ذلك؟» قالوا بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن يُبغض الناسَ ويُبْغِضونه».
وقال: «حَصِّنوا أموالَكم بالزّكاة»، و«داوُوا مَرْضاكم بالصدَقة»، و«استَقْبِلوا البَلاء بالدُّعاء» وقال: «ما قَلّ وكَفي خير مما كثر وألْهى».
وقال: «المسْلِمون تَتكافأ دِماؤُهم، ويَسْعَى بذمَّتهم أدْناهم، وهُمْ يَدٌ على مَن سواهم».
وقال: «اليَدُ العُلْيا خيرٌ من اليد السُّفْلي».
وقال: «وابْدَأ بمن تَعول».
وقال: «لا تَجْن يَمينُك على شِمالك»، و«لا يُلدغ المُؤمن من جحر مرتين».
وقال: «المَرْء كثِيرٌ بأخيه».
وقال: «اْفصِلُوا بين حَدِيثكم بالاستغفار»، و«اسْتَعينوا على قضاء حَوائجكم بالكِتمان».
وقال: «أَفضل الأصحاب من إذا ذَكَرْت أعانك، وإذا نَسيت ذَكرَّك».
وقال: «لا يُؤَم ذو سُلْطان في سُلْطانه، ولا يُجْلس على تَكْرِمته إلا بإِذنه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «يقول ابن آدم مالي مالي، وإنما له من ماله ما أَكل فأفْنى، أو لَبِسَ فأبلَى، أو وهب فأمْضى».
وقال: «سَتَحْرصون على الإمارة، فنِعمت المُرْضعة وبئست الفاطمة».
وقال: «لا يَحْكمِ الحاكم بين اثنين وهو غَضْبان».
وقال: «لو تَكاشفتم ما تَدافَنْتم»، و«ما هَلَك امرؤ عَرف قَدْره».
وقال: «الناس كإبل مائةٍ لا تَكاد تَجد فيها راحلةً واحدة»، و«الناس كلّهم سواء كأسنان المُشْط».
وقال: «رَحِم الله عبدًا قال خيرًا فَغَنِم أو سَكَت فَسَلِم».
وقال: «خَيْر المال سِكَة مَأْبورة، ومُهْرة مَأْمورة»، و«خير المال عَينٌ ساهرة لِعَين نائمة».
وقال في إناث الخيل: «بُطونها كَنْز وظُهورها حِرْز».
وقال: «ما أملق تاجرٌ صدُوق، وما أقفر بيتٌ فيه خَلّ».
وقال: «قَيّدوا العِلم بالكتابة».
وقال: «زُر غِبًّا تَزددْ حُبًّا».
وقال: «عَلق سَوْطك حيثُ يراه أهلُك».

.باب في آداب الحكماء والعلماء:

فضيلة الأدب أوصى بعضُ الحكماء بنيه فقال: الأدب أكرم الجواهر طبيعةً، وأنْفسها قيمةً، يَرْفع الأحساب الوَضيعة، ويُفيد الرَّغائب الجليله، ويُعِز بلا عشيرة، ويُكثر الأنصار بغَيْر رزيَّة، فالبسوه حُلّة، وتَزَينُوه حِلْية، يُؤْنسكم في الوَحشة، ويجمع لكم القُلوب المختلفة.
ومن كلام علّي عليه السلام: فيما يُروى عنه أنه قال: مَن حَلم ساد، ومن ساد استفاد، ومن استَحيا حُرم، ومن هاب خاب، ومَن طلب الرّآسة صَبر على السياسة؛ ومَن أبصر عَيْب نفسه عَمِيَ عن عَيب غيره، ومَن سلَّ سيف البَغْي قُتل به، ومن احتقر لأخيه بئرًا وقَع فيها، ومَن نَسى زَلَّته استعظم زلّة غيره، ومن هَتَك حِجاب غيره اْنهتكت عورات بَيته، ومن كابر في الأمور عَطِب، ومن اقتحم اللُّجج غَرِق، ومن أعجب برأْيه ضَلَّ، ومن استغنى بعَقله زلَ، ومن تَجَبَّر على الناس ذَلَّ، ومن تَعمَّق في العَمَل مَلَّ؛ ومَن صاحَب الأنذال حُقِّر، ومن جالس العلماء وُقَر؛ ومن دَخل مَداخل السوء اتُّهم؛ ومَن حَسَنُ خُلقه، سَهُلَت له طُرُقه؛ ومن حَسَّنَ كلامَه، كانت الْهَيْبة أمامَه؛ ومَن خَشي الله فاز؛ ومَن استقاد الجَهْل، تَرك طَرِيق العَدْل؛ ومَن عرف أجَله، قَصر أمله؛ ثم أنشأ يقول:
البَسْ أخاك على عُيوبه ** واسْتُر وغَطِّ على ذُنوبه

واصبر على بَهْتِ السَّفِيهِ ** وللزَّمان على خُطوبه

ودَع الجوابَ تفضلًا ** وكِل الظلومَ إلى حَسِيبه

وقال شَبِيب بن شَيبة: اطلُبوا الأدب فإنّه مادة للعَقْل؛ ودليل على المُروءة، وصاحب في الغُربة، ومُؤنس في الوَحشة، وحِلْية في المَجْلِس، ويجمع لكم القلوب المختلفة.
وقال عبدُ الملك بن مَروان لبَنِيه: عليكم بطلب الأدب فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالًا، وإن اسْتَغنيتم عنه كان لكمٍ جمالًا.
وقال بعضُ الحكماء: اعلم أن جاهًا بالمال إنما يَصْحبك ما صَحِبَكَ المال، وجاهًا بالأدب غيرُ زائل عنك.
وقال ابن المقفَّع: إذا أكرمك الناسُ لمالٍ أو لسُلطانٍ فلا يُعْجِبك ذلك، فإنّ الكرامة تزُول بزوالهما، ولكن ليُعْجبك إذا أكرموك لدِين أو أدب.
وقال الأحْنَف بن قَيس: رأسُ الأدب المَنْطِق، ولا خَيْر في قوْل إلاِّ بِفِعْل، ولا في مال إلا بجُود، ولا في صَدِيق إلا بوَفاء، ولا في فِقْه إلا بوَرَع، ولا في صدق إلا بِنيّه.
وقال مَصقلة الزُّبيريّ: لا يَستغني الأديب عن ثلاثة واثنن؛ فأما الثلاثة: فالبلاغة والفصاحة وحُسن العِبارة، وأما الاثنان، فالعِلْم بالأثر والحِفْظ للخَبر.
وقالوا: الحَسَب مُحتاجِ إلى الأدب، والمعرفة محتاجة إلى التَّجربة.
وقال بُزُرْجَمْهِر: ما ورَّث الآباءُ الابناءُ شيئًا خيرًا من الأدب، لأنّ بالأدب يَكْسِبون المال، وبالجهل يُتْلفونه وقال الفُضَيل بن عِياضِ: رأسُ الأدب مَعْرِفة الرجل قَدْره.
وقالوا: حُسْن الخُلق خيْر قَرِين، والأدب خير ميراث، والتَوفيق خير قَائد.
وقال سُفيان الثَّوريّ: مَن عَرَف نفسَه لم يَضِرْه ما قال الناس فيه. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة في هذه الآية: {لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم} قالت: هذه للعرب خاصة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: منّ من الله عظيم من غير دعوة ولا رغبة من هذه الأمة جعله الله رحمة لهم، يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم، بعثه الله إلى يوم لا يعلمون فعلمهم، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{لقد من الله} جوابٌ لقسم نحذوفٌ، وقُرِئ: {لَمِنْ مَنَّ الله} بمن الجارة، و{منَّ} بالتشديد مجرورها وخرَّجه الزمخشريُّ على وجهينِ:
أحدهما: أن يكون هذا الجارُّ خبرًا مقدمًا والمبتدأ محذوفٌ، تقديره: لمن من الله على المؤمنين مَنُّهُ، أو بعثه إذ بَعَثَ فيهم، فحذف لقيامِ الدَّلالةِ.
الثاني: أنه جعل المبتدأ نفس {إذ} بمعنى: وقتٍ: وخبرها الجارُّ قبلها، وتقديره: لمن من الله على المؤمنين وقت بَعْثِهِ، ونظره بقولهم: أخطب ما يكون الأميرُ إذا كان قائمًا.
وهذان وجهانِ- في هذه القراءة- مما يدلان على رسوخ قدمِهِ في هذا العلمِ.
قال شهابُ الدينِ: إلا أن أبا حيان قد ردَّ عليه الوجه الثاني بأن {إذ} غيرُ متصرفةٍ، لا تكون إلا ظرفًا، أو مضافًا إليها اسم زمان أو مفعولة باذكر على قول- ونقل قول أبي علي- فيها وفي إذا أنهما لم يردا في كلام العربِ إلا ظرفين، ولا يكونان فاعلين، ولا مفعولين، ولا مبتدأين.
قال: ولا يحفظ من كلامهم: إذْ قام زيد طويل- يريد: وقت قيامه طويل- وبأن تنظيره القراءة بقولهم: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائمًا، خطأ؛ من حيث أن المشبه مبتدأ، والمشبهُ به ظرف في موضعِ الخبرِ- عند من يُعْرِب هذا الإعرابَ- ومن حيثُ إنَّ هذا الخبرَ- الذي قد أبرزه ظاهرًا واجب الحذف؛ لسَدِّ الحال مَسَدَّه، نص عليه النحويونَ الذين يعربونه هكذا، فكيف يبرزه في اللفظ؟
قال شهابُ الدين: وجواب هذا الردِّ واضحٌ وليت أبا القاسم لم يذكر تخريج هذه القراءة؛ لكي نسمع ما يقول هو.
والجمهورُ على ضم الفاء- من أنفسهم- أي: من جملتهم وجنسهم، وقرأت عائشةُ، وفاطمةُ والضّحّاكُ، ورواها أنس عنه صلى الله عليه وسلم بفتح الفاء، من النَّفاسة- وهي الشرف- أي: من أشرفهم نسبًا وخَلْقًا، وخُلُقًا.
وعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أنفسكم نسبًا، وحسبًا، وصهرًا» وهذا الجارُّ يحتمل وجهين:
الأول: أن يتعلق بنفس بعث.
الثاني: أن يتعلق بمحذوف، على أنه وصف لـ {رسولًا} فيكون منصوب المحل، ويقوي هذا الوجه قراءة فتح الفاء.
قوله: {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} هي إن المخففة، واللام فارقة- وقد تقدم تحقيقه- إلا أن الزمخشري ومكيًّا- هنا- حين جعلاها مخففة قدَّرَا لها اسمًا محذوفًا.
فقال الزمخشري: وتقديره: إن الشأن، وإن الحديث كانوا من قبل.
وقال مكي: وأما سيبويه فإنه قال إن مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر، والتقدير- على قوله-: وإنهم كانوا من قبل لفي ضلال مبين وهذا ليس بجيّد؛ لأن إن المخففة إنما تعمل في الظاهر- على غير الأفصح- ولا عمل لها في المضمر ولا يقَدَّر لها اسمٌ محذوفٌ ألبتة، بل تُهْمَل، أو تعمل- على ما تقدم- مع أن الزمخشريَّ لم يُصَرِّحْ بأن اسمها محذوف، بل قال: إن هي المخففة من الثَّقِيلَةِ، واللام فارقة بينها وبين النافية، وتقديره: وإن الشأن والحديث كانوا؛ وهذا تفسيرُ معنى لا إعراب.
وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها استئنافية، لا محلَّ لَهَا مِنَ الأعْرَاب.
والثاني أنها محل نَصْب على الحال من المفعول به- في: {يعلمهم} وهو الأظهر. اهـ. بتصرف يسير.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} وفى الجمعة: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم}. للسائل أن يقول: إن مقصد الآيتين الأخبار بامتنانه تعالى على العرب بأن بعث فيهم رسولا منهم ولم يكن من غيرهم ثم اختلفت العبارة في البيان فقيل في الأولى {من أنفسهم} وفى الثانية {منهم} فيسأل عن وجه ذلك؟
والجواب عن ذلك: أن قولك فلان من أنفس القوم أوقع في القرب من قولك فلان منهم فإن هذا قد يراد للنوعية فلا يتخلص لتقريب المنزلة والشرف إلا بقرينة.
أما {من أنفسهم} فأخص فلا يفتقر إلى قرينة ولذلك وردت حيث قصد النعريف بعظيم النعمة به صلى الله عليه وسلم على أمته وجليل إشفاقه وحرصه على نجاتهم ورأفته ورحمته بهم فقال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} وقال تعالى فيمن كان على الضد من حال المؤمنين المستجيبين {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه} فتأمل موقع قوله هنا {منهم} لما قصد أنه إنعام عليهم لم يوفقوا لمعرفة قدره ولا للاستجابة المثمرة النجاة فقيل هنا {منهم} فأما قوله صلى الله عليه وسلم: «سلمان منا أهل البيت» بأنه لما لم يكن رضى الله عنه من قريش وأراد عليه السلام تقريبه وتشريفه عبر بما يعطى ذلك ولا يخص خصوص قوله: من أنفسنا وإنما تخلص لحرف الخصوصية بقرينة قوله عليه السلام «سلمان منا أهل البيت» وأما قوله عليه السلام في فاطمة «إنما هي بضعة منى» فقد تحصل فيه أتم خصوص من وجهين:
أحدهما قوله عليه السلام «منى» وهذا أخص من قوله عليه السلام «منا» فتأمله فهو مناف للشياع الداخل في قوله: «منا» والثانى قوله: «بضعة» فجعلها عليه السلام جزءا منه وذلك أعلى خصوص.
وأما قوله عليه السلام «مولى القوم منهم» فالمراد منه تقريب الولاء من النسب وليس من أنفسهم وقد تقدم أن قوله: «من أنفسهم» في مقابلة «منهم» وأن «منا» دونه في الشياع و«منى» أخص وأبعد في الشياع فتأمل هذا ولما كان لفظ الآيتين يتناول قريشا وغيرهم من العرب ممن ليس من أهل الكتاب قيل «منهم» فناسب هذه الكناية بما فيها من الشياع الذي مهدناه عموم المؤمنين من العرب ممن أسلم ومن لم يسلم ولما قال في آية آل عمران: {لقد من الله على المؤمنين} فخص من أسلم ناسب ذلك قوله: {من أنفسهم} لخصوصه كما تقدم ولم يكن العكس ليناسب والله أعلم. اهـ.

.من لطائف القشيري:

قال عليه الرحمة:
{لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}.
أجزل لديهم العارفة، وأحسن إليهم النعم حيث أرسل إليهم مثل المصطفى سيد الورى صلوات الله عليه وعلى آله، وعرَّفهم دينهم، وأوضح لهم براهينهم، وكان لهم بكل وجه فلا نِعَمَهُ شكروا، ولا حَقَّه وقَروا، ولا بما أرشدهم استبصروا، ولا عن ضلالتهم أقصروا.. هذا وصف أعدائه الذين جحدوا واستكبروا. وأمَّا المؤمنون فتقلدوا المِنَّة في الاختيار، وقابلوا الأمر بالسمع والطاعة عن كنه الاقتدار، فسَعِدُوا في الدنيا والعُقْبَى، واستوجبوا من الله الكرامة والزُّلفى. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنْفُسِهِمْ}.
والذي يمن على الآخر هو الذي يعطيه عطية يحتاج إليها هذا الآخذ، فكأن الحق يقول: وهل أنا في حاجة إلى إيمانكم؟ في حاجة إلى إسلامكم؟ أصفة من صفاتي معطلة حتى تأتوا أنتم لتكملوها لي؟ لا، إذن فحين أبعث لكم رسولا رحيما بكم، فالمنة تكون لي وحدي.
{لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنْفُسِهِمْ}.
أكان يبعثه مَلَكا؟ لا. بل بعثه من البشرية؛ كي تكون الأسوة فيه معقولة. فعندما يقول لكل مسلم افعل مثلى، فالمسلم عليه أن يطبق ما يأمره به الرسول، لكن لو كان مَلَكا أكانت تنفع فيه الأسوة؟ لا، فقد يقول لك: افعل مثلى، فتقول له: لا أقدر لأنك مَلَك، ومن يدعي الألوهية لرسول، فهو ينفى عنه الأسوة؛ لأنه عندما يقول: كن مثلي، يمكنك أن تقول: وهل نقدر؟ أنت طبيعتك مختلفة، فهل نصل لذلك؟! لا نقدر، ولذلك فالذين يقولون بألوهية رسول، إنما يفقدون الأسوة فيه، والمفهوم في الرسول أن يكون أسوة سلوكية، وأن يكون مبلغا عن الله منهجه، وأن يعلن بشريته ويقول: أنا بشر وأستطيع أن أمثل وأطبق المنهج. إذن فهو أسوة سلوكية تطبيقية.
والرسول مبعوث للكل، فلماذا كانت المنة على من آمن فقط!؟ لأنه هو الذي انتفع بهذه الحكاية، لكنَّ الباقين أهدروا حقهم في الأسوة ولذلك تكون المنة على من آمن.